مكان الاقامة : 0 sms : ادارة شبكة العناكب ترحب بكم معنا تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: حقيقة المغتربين في فرنسا الإثنين مارس 03, 2008 9:01 pm | |
| منهم من أشرف على الشيخوخة وما زال طالبا على بطاقة الإقامة الطلبة العرب في فرنسا.. رحلة عذاب في بلد يقدم "أسوأ الأفضل" لهم
صورة من الأرشيف لمجموعة من المغتربين العرب خلال مسيرة في باريس
باريس- الطاهر العبيدي
يرزح الطلبة المهاجرون في فرنسا تحت ثقل هموم كثيرة، تلقي بظلالها على حياتهم، تبدأ بتجديد بطاقة الإقامة، والبحث عن مسكن، وإيجاد عمل، والتأمين الصحي، ولا تنتهي باختيار الجامعة المناسبة والتسجيل، أو حتى العودة للاستقرار في البلد الأم.
تلك هي بعض هموم الطلبة المهاجرين في فرنسا، الموزعين بين هاجس العودة والرغبة في الاستقرار، والمشتتين بين الشغل والدراسة. دون أن ننسى المعاناة الحالية التي يعيشها هؤلاء، وضبابية المستقبل، والتعب والإرهاق الذي يعانونه.
في ظل هذه الظروف الصعبة، تبدو بعض الأسئلة مشروعة، حول مشاكل الطلبة القادمين من الضفة الأخرى، ولماذا الإقبال المتزايد من طرف الطلبة على الدراسة في الخارج وتحديدا فرنسا؟ ما هي الآفاق المتاحة بعد التخرج؟ ولماذا يفضل الأغلبية الاستقرار بدل العودة إلى بلدانهم بعد إنهاء دراستهم؟ ما هي الأوضاع المعيشية والواقع الإداري؟ وما هي الفرص المتاحة أمام الطلبة المهاجرين؟ وما هي العوائق والمعاناة؟
بداية الهموم والمتاعب
تبدأ هموم الطالب العربي، وتحديداً المغاربي، قبل مجيئه إلى فرنسا، حين يبدأ بالبحث للتسجيل في إحدى الجامعات الفرنسية، وهي عملية تتطلب الكثير من الجهد والمعاناة، والتخبط بين أكداس الأوراق الإدارية. يبدأ بعدها باللهاث وراء تأشيرة الدراسة، وهو مجهود ينهك الطالب الذي يأتي إلى فرنسا محمّلا بأكياس من الأحلام والطموحات، مخلفاً وراءه عائلة تحلم، هي الأخرى، بأن هذا الابن سيأتي لها بمفاتيح كسرى وكنوز فارس.
لكن، حين يصل الطالب إلى فرنسا ترتطم كل آماله على جدار الواقع، لتبدأ رحلة العذاب، التي يكون فيها السكن هو العائق الأساسي، لكونه مرتبطاً بعدة شروط لا تتوفر عند هذا الطالب "الكحيان" الذي لا دخل له، سوى أحلام مؤجلة، لا تصمد أمام فواتير نهاية الشهر، بالإضافة إلى أن هذا الطالب الذي لا تجربة مهنية له، يجد نفسه فجأة مقذوفا في مجتمع غير مجتمعه، وفي بيئة لا يعرف عنها سوى ما درسه في بعض الكتب أو عبر الفضائيات.
شروط مشددة
ويتطلب تجديد إقامة الطالب استيفاء عدة شروط تم تشديدها أكثر بعد أحداث الشغب الأخيرة. وتتطلب هذه الشروط وجود عقد شغل لساعات محددة، لا تتجاوز 20 ساعة في الأسبوع، والإثبات الدامغ على متابعة الدراسة، وعنوان السكن والدخل الشهري والتأمين الصحي.
ومع كل هذه المعاناة، يتمكن الكثير من الطلاب من النجاح والحصول على شهادات عليا وتحقيق أحلامهم العلمية، رغم تشتتهم بين الشغل والدراسة، ورغم أن القليل منهم اشتغل في ميدانه بعد التخرّج، إلا أن الكثير من الطلاب يتجهون للعمل في التجارة والمهن الحرة، وفيهم من حقق نجاحاً كبيراً، ومنهم من انقطع عن الدراسة، وانخرط في الحياة المهنية، وفضل الانسحاب تحت ضغط المشاكل اليومية وصعوبة الواقع، وعدم القدرة على الجمع بين الاحتياج والدراسة.
ويبدو أن القليل من الخريجين يعودون إلى بلدانهم بعد التخرج، خاصة مع اقتحام اللغة الفرنسية لسان الطالب العربي، وطغيانها، شيئاً فشيئاً، على لغته الأم.
أما الآفاق المتاحة للطلبة الأجانب بعد التخرج، فتبقى محدودة جدا، ما جعل الطلبة بعد تخرجهم وإن فضلوا البقاء، فإنهم يعملون في غير ميدانهم، بل وأحيانا كثيرة في مهن جانبية لا علاقة لها بتخصصاتهم. ورغم ذلك يفضل معظم الطلبة البقاء على العودة إلى أوطانهم بعد التخرج، لأسباب مرتبطة أساسا بغياب فضاء الحريات في بلدانهم.
العائق المادي
ومن أهم العقبات التي يصطدم بها الطالب العربي في فرنسا هو العائق المادّي، خاصة أن مجموعة كبيرة من الطلبة، إن لم نقل الأغلبية المطلقة، لا تتمتع بمنح دراسية. وهذا يؤدي إلى ظهور مشاكل في السكن والمتطلبات اليومية من أكل وتنقل وشراء الكتب، مما يجعل الطالب مطالبا بالتكيف مع وضعه المالي، خاصة وأنه صار مستقلاً بشكل كامل عن أهله، ومسؤولاً بشكل كامل عن مصيره، في واقع ومجتمع جديدين.
ورغم أن هذا الوضع يؤدي إلى تشتيت الطالب بين العمل والدراسة إلا أن الاختيارات أمامه محدودة، يواجهها معتمداً على مقولة "من طلب العلا سهر الليالي". من دون أن ننسى أن الطالب العربي قد يواجه في البداية مشكلة مع اللغة الفرنسية، التي وإن كان المغاربة يحسنونها، إلا أن إتقانها يتطلب مجهوداً إضافياً.
بين الغربة والحنين
يتعرّض الطالب في فرنسا للعديد من المشاكل المتصلة بواقع البلد، ويعتبر السكن هو التحدي الأكبر، لأن الإقامة بالحي الجامعي غير متوفرة، وتتطلب عدة شروط أهمها السن، الذي يجب ألا يتجاوز 27 سنة. ويلاحظ أن الطلبة ينقسمون عادة إلى أنواع محددة، فمنهم من يأتي رغبة في الحصول على شهادات عليا وتحقيق طموح معنوي لم ينجزه في بلده، ومنهم من جاء ليطور إمكاناته المعرفية والعلمية. كما توجد شريحة أخرى تسعى للاستقرار والانخراط في المجتمع، وثالثة تسعى لتغيير اتجاه حياتها، وتبتعد كليا عن الدراسة، لتدخل سوق العمل والبحث عن إمكانية الاستقرار، وتأسيس وضع عائلي مريح.
ولا يمكننا أن نهمل هاجس الغربة والحنين والاشتياق الذي يواجهه الطالب، وما يلفت الانتباه هو وجود عدد من الطلبة الذين بقوا متأرجحين بين العودة والبقاء، فلا هم أنهوا دراستهم وعادوا، ولا هم استقروا. ومنهم من اقترب من سن الشيخوخة ولا زال طالبا على بطاقة الإقامة.
ويمكن القول، بعيداً عن الأحكام المسبقة، إن حياة الطالب في فرنسا ليست مفروشة بالورود، كما يعتقد الأهل والناس في أوطانهم، بل هي خلاصة معاناة مستمرة، ابتداء من السكن، مرورا بالاستقرار القانوني، الذي يتطلب الكثير من الجهد، وتوفير العديد من الشروط القانونية المطلوبة. ورغم الصعوبات المرتبطة بالجانب اليومي المعيشي، التي تصادم الطالب أو الطالبة هنا، تنفتح أمامه، في المقابل، العديد من المجالات والفضاءات، التي تخوّل له إمكانية المعرفة والاطلاع على مجتمع آخر، والانفتاح على ثقافة أخرى، تمكنه من التأثر والتأثير. كما تتوفر له فرصة الانخراط في فضاءات سياسية، أو اجتماعية أو حقوقية أو إعلامية.
أما عن الآفاق المتاحة بعد التخرج، فيكاد هذا الأمر يكون واضحا، حيث أن سوق الشغل الفرنسية تكاد تكون منكمشة، وتشترط جنسية البلد، إلى جانب أن عملية الانتقاء جد صارمة. دون أن ينفي ذلك تمكن بعض الطلبة من الحصول على وظائف مهمة بعد التخرج | |
|